1-اذكر الفرق بين التشريع الإسلامي وبين كل من: الفقه الإسلامي، والتقنين الوضعي. التشريع الإسلامي هو: العلْم الذي يَبحث عن حالة الفقه الإسلامي في عصر الرسالة وما بعْده من عصور.
فهو لا يبحث عن تاريخ العقيدة الإسلامية، ولا في تاريخ علْم الحديث، أو مصطلح الحديث. ولا يبحث عن علْم القراءات، ولا غير ذلك مِن العلوم؛ إنّما ينصبّ اهتمام هذا العلْم في البحث في حالة الفقه الإسلامي، وكيف نشأ علْم الفقه منذ بداياته في عصر البعثة، ثم عصر الصحابة بعد موته -صلى الله عليه وسلم-، ثم عصر التابعين، وكيف نشأت المذاهب الفقهيّة، وكيف اختلف الفقهاء في المذاهب، وكيف تطوّر الفقه عن طريق تدوينه، وكثرة علمائه، وانتشار أتباعهم، إلى أنْ نصل إلى عصرنا الحاضر.
تعريف: "الفقه" لغةً: الفقه في اللغة هو: الفهْم، ومنه قوله تعالى: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ}، وقوله -صلى الله عليه وسلم- لابن عباس: ((اللهم فَقِّهْهُ في الدِّين))، وقوله -كما في صحيح البخاري-: ((إذا أراد الله بعبْدٍ خيراً، فقَّهَه في الدّين)).
إلاّ أنّ الفقه أخصّ مِن الفهْم، لأنّ الفقه فهْم مراد المتكلِّم مِن كلامه، وهو قدْر زائد على مجرّد فهْم اللفظ في اللغة.
"الفقه" اصطلاحاً:الفقه في الاصطلاح الشرعي هو: العلْم بالأحكام الشرعية العمَلية المكتسَب مِن أدلّتها التفصيلية.
المقصود بالقوانين الوضْعيّة هي: مجموعة من القواعد والأنظمة التي يضعها أهل الرأي في أمّة مِن الأمم، لتنظيم شؤون حياتهم السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصادية؛ وبالتالي يوافق عليها صاحب السلطان والجماعة، حيث تكون مرجعاً لهم يتعاملون بمقتضاها.
ومِن الخطإ أنْ تُسمَّى هذه القوانين بالتشريع الوضعيّ، لأن المشرِّع هو الله -عز وجل-، وأحكامه تُسمَّى شرعاً؛ فلا يجوز إطلاق هذه التسمية على القوانين الوضعيّة، لأنها مِن وضْع البشَر، والشريعة لا يجوز إطلاقها إلا على الشريعة الإلهية.
أهمّ الفروق بيْن التشريع السماوي والقوانين الوضعيّة، والتي يتبيّن مِن خلالها عظَمة التشريع السماوي وكماله، ونقْص القوانين الوضعية وعدم سلامتها مِن الخطإ في كثير مِن موادِّها:
1. القانون الوضعي تنظيم بشري مِن صنْع الناس، لا ينبغي مقارنته بالتشريع الإلهي، للفرْق بين الخالق والمخلوق. ولن يستوي لدى أهل العقول السوية أن يقارنوا بين ما أنزله الله، وبين ما وضَعه الناس.
2. التشريع السّماوي خالٍ عن معاني الجوْر، والنقْص، والهوى، لأنه من عند الله. وأما القوانين الوضعية، فلا تنفك عن هذه المعاني، لأنها صادرة عن إنسان؛ والإنسان لا يخلو عن الجهل والميْل إلى الهوى.
3. التشريع السماوي إيجابي وسلْبي، بمعنى: أنه يأمر وينهى؛ فيأمر بالمعروف ويُرغِّب فيه عن طريق الوعد الحسن، وينهَى عن المنكر وينفّر منه بالوعيد المخيف. أما القانون الوضعي، فإنما يهتم بالنهي عن الأذى درءاً للمفاسد في المجتمع، وإن دعت إلى الخير فبالتَّبع لا بالقصد؛ وهي لهذا سلْبية.
4. التشريع الإلهي عامّ، يتناول أمور العقيدة، من الإيمان بالله، ورُسله، وعالَم الغيب، وصلة العبد بربِّه، وسلوكه الأخلاقي، وأنظمة الحياة المختلفة في شتّى مرافقها. أمّا القانون الوضعي، فلا يتناول إلا المعاملات المدنية في الشؤون الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم عليها سلطة الدولة.
5. التشريع السماوي له هيْبة واحترام في نفوس المؤمنين به، حُكَّاماً كانوا أو محكومِين، لأنها صادرة من عند الله؛ ومن ثمّ فلها صِفة الدِّين، وهو -أي: الدِّين- أمْر يجعل الإنسان مطيعاً طاعة اختيارية، لا قسْر فيها ولا إجبار. وأمّا القانون الوضعي، فإنه يفتقد هذه الصفة؛ ومن ثم فإنّ النفوس تتجرأ على مخالفته متى استطاعت.
6. الجزاء في التشريع السماوي جزاء دنيوي وأخروي، أمّا القانون الوضعي فالجزاء فيه دنيوي محْض، تنفِّذه السلطات.
7. التشريع السماوي يحاسِب على الأعمال الداخلية والخارجية، على أعمال القلب والجوارح. أمّا القوانين الوضعية، فلا تتعرض إلا لبعض الأعمال الخارجية.
2-ما الحكمة من نزول القرآن مفرقا؟. لتثبيت فؤاد النبي -صلى الله عليه وسلم-. قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً}.
2. التحدِّي والإعجاز.
3. تيسير فهْمه وحفْظه على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومِن ثم الصحابة.
4. وجود الناسخ والمنسوخ.
5. الدلالة القاطعة على أنّ القرآن الكريم مُنزل مِن حكيم حميد.
6. اقتضت الحِكمة أن يكون منه ما هو جواب لسؤال، وما هو بيان لحُكم حادثة، ليكون ذلك أبعث على القَبول، وأدْعى إلى الامتثال؛ فاقتضى ذلك تفريقه. بخلاف ما لو نزل جملة واحدة، فقد ينفر عن قبوله كثير من الناس لكثرة ما فيه من الفرائض والمناهي